الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
فوائد: الْأُولَى اللِّعَانُ مَصْدَرُ لَاعَنَ إذَا فَعَلَ ما ذَكَرَ أو لَعَنَ كُلُّ وَاحِدٍ من الِاثْنَيْنِ الْآخَرَ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو مُشْتَقٌّ من اللَّعْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ يَلْعَنُ نَفْسَهُ في الْخَامِسَةِ إنْ كان كَاذِبًا. وقال الْقَاضِي سمى بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَا يَنْفَكَّانِ من أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فَتَحْصُلُ اللَّعْنَةُ عليه انْتَهَى. وَأَصْلُ اللَّعْنِ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ يُقَالُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَيْ أَبْعَدَهُ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بالزنى فَلَهُ إسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ. بِلَا نِزَاعٍ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عنه بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ. وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهُمَا. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بالزنى يَعْنِي سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِهِ في طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كان في قُبُلٍ أو دُبُرٍ. قَوْلُهُ فَلَهُ إسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ لَا نِزَاعَ كما تَقَدَّمَ. قال الْأَصْحَابُ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِ بِهِ وَلَوْ بَقِيَ منه سَوْطٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ وَصِفَتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ فَيَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ امْرَأَتِي هذه من الزنى. هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ. وَشَرْحِ ابن منجا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الرَّمْيَ بالزنى بَلْ يقول بَعْدَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد زَنَتْ زَوْجَتِي هذه. وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ. وَقِيلَ يقول بَعْدَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فَقَطْ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ ثُمَّ تَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ في الْخَامِسَةِ وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عليها إنْ كان من الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى. فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها تَقُولُ في الْخَامِسَةِ بَعْدَ ذلك فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهَذَا ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ فإن عِبَارَاتِهِمْ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك. وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَأَخَذَ ابن هُبَيْرَةَ بِالْآيَةِ في ذلك كُلِّهِ. وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ على ما في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى يقول الرَّجُلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي فِيمَا رَمْيَتُهَا بِهِ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ثُمَّ يُوقَفُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فيقول لَعْنَةُ اللَّهِ عليه إنْ كان من الْكَاذِبِينَ وَالْمَرْأَةُ مِثْلُ ذلك. قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بأقسم أو أَحْلِفُ أو لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بالإبعاد أو الْغَضَبِ بالسخط فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. قال في الْهِدَايَةِ أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ وهو الْأَظْهَرُ. قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. قال النَّاظِمُ ويلغي بِذَلِكَ على الْمُتَجَوَّدِ. قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا يَصِحُّ. قال في الْبُلْغَةِ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَكَذَلِكَ صِيغَةُ اللَّعْنَةِ والغضب على الْأَصَحِّ. قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ما اُعْتُبِرَ فيه لَفْظُ الشَّهَادَةِ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالشَّهَادَاتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ لو أَبْدَلَ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ أو بِالْغَضَبِ فَفِي الْإِجْزَاءِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. ثَالِثُهَا الْإِجْزَاءُ بِالْغَضَبِ لَا بِالْإِبْعَادِ. وفي إبْدَالِ لَفْظَةِ أَشْهَدُ بأقسم أو أَحْلِفُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِئُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ. قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلَا يَبْطُلُ بِتَبْدِيلِ لَفْظٍ بِمَا يُحَصِّلُ مَعْنَاهُ. وَأَمَّا إذَا أَبْدَلَتْ الْغَضَبَ بِاللَّعْنَةِ فإنه لَا يُجْزِئُ قَوْلًا وَاحِدًا. قَوْلُهُ وَمَنْ قَدَرَ على اللِّعَانِ بِالْعَرَبِيَّةِ لم يَصِحَّ منه إلَّا بها وَإِنْ عَجَزَ عنها لَزِمَهُ تَعَلُّمُهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ. أَحَدُهُمَا يَصِحُّ بِلِسَانِهِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ تَعَلُّمُهَا. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَصِفَةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ أو كِتَابَتُهُ صَحَّ لِعَانُهُ بها. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُ من اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأُيِسَ من نُطْقِهِ بِالْإِشَارَةِ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. قال في الْكَافِي هو كَالْأَخْرَسِ. الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ وَهَلْ اللِّعَانُ شَهَادَةٌ أو يَمِينٌ على رِوَايَتَيْنِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ من الزَّوَائِدِ. إحْدَاهُمَا هو يَمِينٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ هو شَهَادَةٌ. قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَاعَنَا قِيَامًا بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ بِمَحْضَرِ أَرْبَعَةٍ فَأَزْيَدَ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ من الْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصُوا عن أَرْبَعَةٍ انْتَهَى. قُلْت لَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ قال جَمَاعَةٍ وَبَعْضُهُمْ قال أَرْبَعَةٍ وَمُرَادُ من قال جَمَاعَةٍ أَنْ لَا يَنْقُصُوا عن أَرْبَعَةٍ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ غَايَرَ بين الْقَوْلَيْنِ. فَإِنْ كان أَحَدٌ من الْأَصْحَابِ صَرَّحَ في قَوْلِهِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ أَقَلُّ من أَرْبَعَةٍ. فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا كما قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ في الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ لَا يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِمَكَانٍ وَلَا زَمَانٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَخَصَّ في التَّرْغِيبِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
فائدة: الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَصْرِ وقال أبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ آخَرَ بين الْأَذَانَيْنِ والمكان بِمَكَّةَ بين الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وفي بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وفي سَائِرِ الْبُلْدَانِ في جَوَامِعِهَا. وَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ في بَابِ الْيَمِينِ في الدَّعَاوَى. قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ ذلك بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ. يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ اللِّعَانِ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أو نَائِبِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ حُضُورَهُ مُسْتَحَبٌّ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وقد يُقَالُ لَا يَلْزَمُ من كَوْنِ الْمُصَنِّفِ جَعَلَهُ سُنَّةً انْتِفَاءُ الْوُجُوبِ إذْ السُّنَّةُ في قَوْلِهِ وَالسُّنَّةُ أَعَمُّ من أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا أو وَاجِبًا.
فائدة: لو حَكَّمَا رَجُلًا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَتَلَاعَنَا بِحَضْرَتِهِ فقال الشَّارِحُ قد ذَكَرْنَا أَنَّ من شَرْطِ صِحَّةِ اللِّعَانِ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ. وَحَكَى شَيْخُنَا في آخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ يَعْنِي في الْمُقْنِعِ إذَا تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا نَفَذَ حُكْمُهُ في اللِّعَانِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ. قُلْت وهو الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ على ما يَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وقال الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ إلَّا في الْأَمْوَالِ خَاصَّةً. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا حَكَّمَا رَجُلًا هل يَكُونُ كَالْحَاكِمِ من جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَمْ لَا على ما يَأْتِي بَيَانُهُ. قَوْلُهُ فَإِنْ كانت الْمَرْأَةُ خَفِرَةً بَعَثَ الْحَاكِمُ من يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في مَسْأَلَةِ فَسْخِ الْخِيَارِ بِلَا حُضُورِ الْآخَرِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مع غَيْبَتِهَا وَتُلَاعِنُ هِيَ مع غَيْبَتِهِ. قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلِعَانٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ. قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلِعَانٍ على ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ. وَعَنْهُ إنْ كان الْقَذْفُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَاتٍ أَفْرَدَ كُلَّ واحدة [واحد] بِلِعَانٍ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ يَبْدَأُ بِلِعَانِ التي تَبْدَأُ بِالْمُطَالَبَةِ فَإِنْ طَالَبْنَ جميعا وَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِإِحْدَاهُنَّ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ لم يَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِلِعَانِ من شَاءَ مِنْهُنَّ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ مع الْمُشَاحَّةِ صَحَّ.
تنبيه: قَوْلُهُ في تَتِمَّةِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فيقول أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ من الزنى وَتَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى. هذه الزِّيَادَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ من الزنى وفيما رَمَانِي بِهِ من الزنى مَبْنِيَّةٌ على الْقَوْلِ الذي جَزَمَ بِهِ في أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ صِفَةِ ما يقول هو وَتَقُولُ هِيَ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ هُنَاكَ فَكَذَا الْحُكْمُ هُنَا. قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ. أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ بين زَوْجَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أو ذِمِّيَّيْنِ أو رَقِيقَيْنِ أو فَاسِقَيْنِ أو كان أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وابن الْبَنَّا وَاخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا وَغَيْرِهِ انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ إلَّا بين زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يَصِحُّ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَامْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ فإذا بَلَغَتْ من يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ طَلَبَتْ حُدَّ إنْ لم يُلَاعِنْ إذَنْ فَلَا لِعَانَ لِتَعْزِيرٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ في الزَّوْجَةِ الْبُلُوغَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ ولم يَعْتَبِرْ ذلك من الزَّوْجِ. ثُمَّ قال في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَسَاهُلٌ وَبَيَّنَهُ. وقال وَعَنْهُ لَا لِعَانَ بِقَذْفِ غَيْرِ مُحْصَنَةٍ إلَّا لِوَلَدٍ يُرِيدُ نَفْيَهُ. وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يُلَاعِنُ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ كَتَعْزِيرٍ. وقال في الْمُوجَزِ وَيَتَأَخَّرُ لِعَانُهَا حتى تَبْلُغَ. وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين إذَا قَذَفَ زَوْجَةً مُحْصَنَةً بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبٍ وَعُزِّرَ بِتَرْكٍ وَيَسْقُطَانِ بِلِعَانٍ أو بِبَيِّنَةٍ. وفي الِانْتِصَارِ في زَانِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا يَلْحَقُهَا عَارٌ بِقَوْلِهِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ. وَعَنْهُ يُلَاعِنُ بِقَذْفِ غَيْرِ مُحْصَنَةٍ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَقَطْ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. وفي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ كُلُّ زَوْجٍ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ لِعَانُهُ في رِوَايَةٍ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إلَّا من مُسْلِمٍ عَدْلٍ. وَالْمُلَاعِنَةُ كُلُّ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ بَالِغَةٍ. وَعَنْهُ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ عَفِيفَةٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً أو قال لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت قبل أَنْ أَنْكِحَك حُدَّ ولم يُلَاعِنْ. إذَا قَذَفَ الْأَجْنَبِيَّةَ حُدَّ ولم يُلَاعِنْ بِلَا نِزَاعٍ. وإذا قال لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت قبل أَنْ أَنْكِحَك حُدَّ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ولم يُلَاعِنْ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يُلَاعِنُ مُطْلَقًا. وَعَنْهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إنْ كان. قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًى في النِّكَاحِ أو قَذَفَهَا في نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا حُدَّ ولم يُلَاعِنْ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال في الِانْتِصَارِ عن أَصْحَابِنَا إنْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا في الزَّوْجِيَّةِ لَاعَنَ. وَفِيهِ أَيْضًا لَا يَنْتَفِي وَلَدٌ بِلِعَانٍ من نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَلَدِ أَمَتِهِ. وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لَاعَنَهَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَإِنْ قَذَفَهَا بِلَا وَلَدٍ لم يُلَاعِنْهَا. قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أو الْمَجْنُونَةَ عُزِّرَ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ يصح [صح] اللِّعَانُ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَامْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ دُونَ الْبُلُوغِ كما تَقَدَّمَ. فإذا بَلَغَتْ من يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ طَلَبَتْهُ حُدَّ إنْ لم يُلَاعِنْ. وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يُلَاعِنُ صَغِيرَةً لِتَعْزِيرٍ. وقال في الْمُوجَزِ وَيَتَأَخَّرُ لِعَانُهَا حتى تَبْلُغَ. وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين إذَا قَذَفَ زَوْجَةً مُحْصَنَةً بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبٍ وَعُزِّرَ بِتَرْكٍ وَيَسْقُطَانِ بِلِعَانٍ أو بَيِّنَةٍ. وفي الِانْتِصَارِ في زَانِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا يَلْحَقُهُمَا عَارٌ بِقَوْلِهِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ. وَتَقَدَّمَ هذا قَرِيبًا بِزِيَادَةٍ. وقال في التَّرْغِيبِ لو قَذَفَهَا بِزِنًا في جُنُونِهَا أو قَبْلَهُ لم يُحَدَّ وفي لِعَانِهِ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ فَإِنْ قال وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أو مُكْرَهَةً فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا. إذَا قال لها وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ. قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيِّ. وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي. وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ. وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا قال إذَا جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فقال لم تَزْنِ وَلَكِنَّ هذا الْوَلَدَ ليس مِنِّي فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ انْتَهَى فَظَاهِرُهُ كما قال في الْهِدَايَةِ. وَعَنْهُ إنْ كان ثَمَّ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا فَلَا فَيَنْتَفِي بِلِعَانِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ نَصَّ عليه أَيْضًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قال في الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَصَحُّ عِنْدِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وابن حَامِدٍ والقاضي [القاضي] في تَعْلِيقِهِ وفي. رِوَايَتَيْهِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ. وإذا قال لها وُطِئْت مُكْرَهَةً وَكَذَا مع نَوْمٍ أو إغْمَاءٍ أو جُنُونٍ. فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَنَصَرَهُ. قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ إنْ كان ثَمَّ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا فَلَا فَيَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ نَصَّ عليه. قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْقَاضِي وأبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ عِنْدِي. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْبُلْغَةِ.
فائدة: لو قال وَطِئَك فُلَانٌ بِشُبْهَةٍ وَكُنْت عَالِمَةً فَعِنْدَ الْقَاضِي هُنَا لَا خِلَافَ أَنَّهُ لا يُلَاعِنُ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُلَاعِنُ وهو الصَّوَابُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ قال لم تَزْنِ وَلَكِنْ ليس هذا الْوَلَدُ مِنِّي فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا. هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي. وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَنَصَرَهُ. وَعَنْهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وابن حَامِدٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ. قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ عِنْدِي. قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هذه الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ على حَدٍّ سَوَاءٍ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال ليس هذا الْوَلَدُ مِنِّي وَقُلْنَا إنَّهُ لَا قَذْفَ بِذَلِكَ أو زَادَ عليه وَلَا أَقْذِفُك. قَوْلُهُ وَإِنْ قال ذلك بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ. يَعْنِي إذَا قال لها بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا لم تَزْنِ وَلَكِنْ هذا الْوَلَدُ ليس مِنِّي وَكَذَا لو قال ذلك لِزَوْجَتِهِ التي هِيَ في حِبَالِهِ أو لِسُرِّيَّتِهِ. فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا في اللِّعَانِ وَعَدَمِهِ. وَكَلَامُهُ هُنَا في لُحُوقِ نَسَبِ الْوَلَدِ بِهِ وَعَدَمِهِ. فإذا قال ذلك لِمُطَلَّقَتِهِ أو لِزَوْجَتِهِ التي هِيَ في حِبَالِهِ أو لِسُرِّيَّتِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُشْهَدَ بِهِ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ أو لَا فَإِنْ شُهِدَ بِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ بِلَا نِزَاعٍ وتكفى امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مَرْضِيَّةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ امْرَأَتَانِ. وَلَهَا نَظَائِرُ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَيَأْتِي. وَإِنْ لم يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَلَامُ صَاحِبِ الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ. وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ دُونَ السُّرِّيَّةِ وَالْمُطَلَّقَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الْآخَرَ لَحِقَهُ نَسَبُهُمَا وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَدِّ. وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وقال الْقَاضِي يُحَدُّ وَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ بِاللِّعَانِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وقال في الِانْتِصَارِ إنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ تَوْأَمَيْهِ وَنَفَى الْآخَرَ وَلَاعَنَ له لَا يُعْرَفُ فيه رِوَايَةٌ وَعِلَّةُ مَذْهَبِهِ جَوَازُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَكِبَهُ.
فائدة: التَّوْأَمَانِ الْمَنْفِيَّانِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ يَتَوَارَثَانِ بِأُخُوَّةٍ أَبَوِيَّةٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أو سَكَتَتْ لَحِقَهُ النَّسَبُ وَلَا لِعَانَ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. وَاقْتَصَرَ عليه الشَّارِحُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه فِيهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقِيلَ يَنْتَفِي عنه بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا كَدَرْءِ الْحَدِّ. وَقِيلَ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ. نَقَل ابن أَصْرَمَ فِيمَنْ رُمِيَتْ بالزنى فَأَقَرَّتْ ثُمَّ وَلَدَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قال الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حتى يُلَاعِنَ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ لو عَفَتْ عنه أو ثَبَتَ زِنَاهَا بِأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ أو قَذَفَ مَجْنُونَةً بزنى [بزنا] قَبْلَهُ أو مُحْصَنَةً فَجُنَّتْ أو خَرْسَاءَ أو نَاطِقَةً ثُمَّ خَرِسَتْ نَصَّ على ذلك. نَقَل ابن مَنْصُورٍ أو صَمَّاءَ. وقال في التَّرْغِيبِ لو قَذَفَهَا بِزِنًا في جُنُونِهَا أو قَبْلَهُ لم يُحَدَّ وفي لِعَانِهِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ الزَّوْجَةُ خُلِّيَ سَبِيلُهَا وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. إذَا لَاعَنَ الزَّوْجُ وَنَكَلَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا حَدَّ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم حتى قال الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا انْتِفَاءُ الْحَدِّ عنها فَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا في مَذْهَبِنَا. وقال الْجُوزَجَانِيُّ وأبو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عليها الْحَدُّ. قال في الْفُرُوعِ وهو قَوِيٌّ. وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يخلي سَبِيلُهَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تُحْبَسُ حتى تُقِرَّ أو تُلَاعِنَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ. وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَالْمُنَوِّرِ. قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ بِعَنْهُ وَعَنْهُ.
فائدة: قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تُحْبَسُ حتى تُقِرَّ وَيَكُونُ إقْرَارُهَا بالزنى أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَا يُقَامُ نُكُولُهَا مُقَامَ إقْرَارِهِ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من أَقَامَ النُّكُولَ مُقَامَ إقْرَارِهَا مَرَّةً. وقال إذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ ذلك ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَزِمَهَا الْحَدُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ. وَأَشْكَلَ تَوْجِيهُ هذا الْقَوْلِ على الزَّرْكَشِيّ وابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ لِأَنَّهُمَا لم يَطَّلِعَا على كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ.
فائدة: مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَقَرَّتْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ من غَيْرِ تَقَدُّمِ نُكُولٍ منها. قَوْلُهُ وَلَا يُعْرَضُ لِلزَّوْجِ حتى تُطَالِبَهُ الزَّوْجَةُ. فَلَوْ كانت مَجْنُونَةً أو مَحْجُورًا عليها أو صَغِيرَةً أو أَمَةً فَإِنْ أَرَادَ اللِّعَانَ من غَيْرِ طَلَبِهَا فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَلَهُ ذلك وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فقال الْقَاضِي يُشْرَعُ له أَنْ يُلَاعِنَ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ له أَنْ يُلَاعِنَ فَيَحْتَمِلُ ما قَالَهُ الْقَاضِي. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُشْرَعَ اللِّعَانُ هُنَا قال وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَا يُشْرَعُ مع وُجُودِ الْوَلَدِ على أَكْثَرِ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ أَحَدُ مُوجِبَيْ الْقَذْفِ فَلَا يُشْرَعُ مع عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ كَالْحَدِّ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ فإذا تَمَّ الْحَدُّ بَيْنَهُمَا ثَبَتَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ أَحَدُهَا سُقُوطُ الْحَدِّ عنه أو التَّعْزِيرُ بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ سَقَطَ الْحَدُّ عنه لَهُمَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال الشَّارِحُ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَذْفُ لِلزَّوْجَةِ وَحْدَهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهَا حَقٌّ في الْمُطَالَبَةِ وَلَا الْحَدِّ. قَوْلُهُ الثَّانِي الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا. يَعْنِي تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِتَمَامِ تَلَاعُنِهِمَا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ فِيمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ لَا تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ حتى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَاتِهِمْ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَبٍ. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ فَيُعَايَى بها فَيُقَالُ حُكْمٌ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ بِغَيْرِ طَلَبٍ وكذا أَحْكَامُ الْحِسْبَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُصَنِّفِ وَأَبِي بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْخُلَاصَةِ فإذا تَلَاعَنَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَعَنْهُ لَا تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفُرْقَةِ فَيَنْتَفِي الْوَلَدُ. قال في الِانْتِصَارِ وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ الثَّالِثُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وفي الْخُلَاصَةِ هُنَا. وَعَنْهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له. قال ابن رَزِينٍ وَهِيَ أَظْهَرُ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ شَذَّ بها حَنْبَلٌ عن أَصْحَابِهِ. قال أبو بَكْرٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا غَيْرُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ كما تَقَدَّمَ. وَعَنْهُ تُبَاحُ له بِعَقْدٍ جَدِيدٍ حَكَاهَا الشِّيرَازِيُّ وَالْمَجْدُ.
تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَلَفَ نَقْلُ الْأَصْحَابِ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. فقال الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ نَقْلُ حَنْبَلٍ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ زَالَ تَحْرِيمُ الْفِرَاشِ وَعَادَتْ مُبَاحَةً كما كانت بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ. وقال في الْجَامِعِ وَالتَّعْلِيقِ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَرُدَّتْ إلَيْهِ. فَظَاهِرُ هذا أنها تُرَدُّ إلَيْهِ من غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ. قال في الْكَافِي وَالْمُغْنِي نَقْلُ حَنْبَلٍ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ عَادَ فِرَاشُهُ كما كان. زَادَ في الْمُغْنِي وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ هذه الرِّوَايَةُ على ما إذَا لم يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ فَأَمَّا مع تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا فَلَا وَجْهَ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بِحَالٍ. قال وَفِيمَا قال نَظَرٌ فإنه إذَا لم يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ فَلَا تَحْرِيمَ حتى يُقَالَ حَلَّتْ له انْتَهَى. قُلْت النَّظَرُ على كَلَامِهِ أَوْلَى فإن رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ظَاهِرُهَا سَوَاءٌ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا أو لَا فإنه قال إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له وَعَادَ فِرَاشُهُ بِحَالِهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَحْصُلُ بِتَمَامِ التَّلَاعُنِ من غَيْرِ تَفْرِيقٍ من الْحَاكِمِ كما تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له فيه دَلِيلٌ على أنها مُحَرَّمَةٌ عليه قبل تَكْذِيبِ نَفْسِهِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يُقَالُ في تَوْجِيهِ هذه الرِّوَايَةِ ظَاهِرُ هذا أَنَّ الْفُرْقَةَ إنَّمَا اسْتَنَدَتْ لِلِّعَانِ وإذا أَكْذَبَ نَفْسَهُ كان اللِّعَانُ كَأَنْ لم يُوجَدْ وَإِنْ لم يَزُلْ ما يَتَرَتَّبُ عليه وهو الْفُرْقَةُ وما نَشَأَ عنها وهو التَّحْرِيمُ. قال وَأَعْرَضَ أبو الْبَرَكَاتِ عن هذا كُلِّهِ فقال إنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ فَسْخًا مُتَأَبِّدَ التَّحْرِيمِ. وَعَنْهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ أو مِلْكِ يَمِينٍ إنْ كانت أَمَةً. وقد سَبَقَهُ إلَى ذلك الشِّيرَازِيُّ فَحَكَى الرِّوَايَةَ بِإِبَاحَتِهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لم تَحِلَّ له إلَّا أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَهِيَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَحِلُّ له كما لو كانت حُرَّةً كما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ الرَّابِعُ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عنه بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ. اعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ يَنْتَفِي بِتَمَامِ تَلَاعُنِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ. وَعَنْهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفُرْقَةِ فَيَنْتَفِي حِينَئِذٍ كما تَقَدَّمَ وَمَتَى تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ. وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْتَفِيَ نَسَبُ الْوَلَدِ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ وَقَالَهُ في الِانْتِصَارِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُ خَرَّجَهُ من الْقَوْلِ إنَّ تَعَذَّرَ اللِّعَانُ من جِهَةِ الْمَرْأَةِ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَحْدَهُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ. وَأَمَّا ذِكْرُ الْوَلَدِ في اللِّعَانِ فَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُهُ في اللِّعَانِ وَأَنَّهُ يَنْتَفِي عنه بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ. وقال الْقَاضِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ هذا الْوَلَدُ من زِنًا وَلَيْسَ هو مِنِّي. وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَنْتَفِي حتى يَذْكُرَهُ هو في اللِّعَانِ فإذا قال أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد زَنَيْتِ يقول وما هذا الْوَلَدُ وَلَدِي وَتَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد كَذَبَ وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ قَذَفَهَا وَانْتَفَى من وَلَدِهَا لم يَنْتَفِ حتى يَتَنَاوَلَهُ اللِّعَانُ إمَّا صَرِيحًا كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد زَنَتْ وما هذا الْوَلَدُ وَلَدِي وَتَقُولُ هِيَ بِالْعَكْسِ وَإِمَّا ضِمْنًا بِأَنْ يَقُولَ من قَذَفَهَا بِزِنًا في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه وَادَّعَى أَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حتى وَلَدَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْتُ عليها أو فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ من الزنى وَنَحْوُهُ. وَقِيلَ يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ في اللِّعَانِ من الزَّوْجِ وَإِنْ لم تُكَذِّبْهُ الْمَرْأَةُ في لِعَانِهَا.
فائدة: لو نَفَى أَوْلَادًا كَفَاهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ وَإِنْ نَفَى الْحَمْلَ في الْتِعَانِهِ لم يَنْتَفِ حتى يَنْفِيَهُ عِنْدَ وَضْعِهَا له وَيُلَاعِنُ. هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يَصِحُّ نَفْيُهُ قبل وَضْعِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَقَلَه ابن مَنْصُورٍ في لِعَانِهِ وَهِيَ في الْمُوجَزِ في نَفْيِهِ أَيْضًا. قال الْخَلَّالُ عن رِوَايَةِ ابن منصور هذا قَوْلٌ أَوَّلُ. وَذَكَرَ النَّجَّادُ أَنَّ رِوَايَةَ ابن منصور الْمَذْهَبُ. وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ اسْتِلْحَاقُهُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ. وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُلَاعِنُ لِدَرْءِ الْحَدِّ على الصَّحِيحِ. وقال في الِانْتِصَارِ نَفْيُهُ ليس قَذْفًا بِدَلِيلِ نَفْيِهِ حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ فإنه لَا يُحَدُّ. قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِ نَفْيِ الْوَلَدِ أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ على الْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أو بِتَوْأَمِهِ أو نَفَاهُ وَسَكَتَ عن تَوْأَمِهِ أو هُنِّئَ بِهِ. فَسَكَتَ أو أَمَّنَ على الدُّعَاءِ أو أَخَّرَ نَفْيَهُ مع إمْكَانِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ ولم يَمْلِكْ نَفْيَهُ. اعْلَمْ أَنَّ من شَرْطِ صِحَّةِ نَفْيِهِ أَنْ يَنْفِيَهُ حَالَةَ عِلْمِهِ من غَيْرِ تَأْخِيرٍ إذَا لم يَكُنْ عُذْرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ له تَأْخِيرُ نَفْيِهِ ما دَامَ في مَجْلِسِ عِلْمِهِ. وقال في الِانْتِصَارِ في لُحُوقِ الْوَلَدِ بِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ إنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ تَوْأَمَيْهِ وَنَفَى الْآخَرَ وَلَاعَنَ له لَا يُعْرَفُ فيه رِوَايَةٌ وَعِلَّةُ مَذْهَبِهِ جَوَازُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَكِبَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ قال لم أَعْلَمْ بِهِ أو لم أَعْلَمْ أَنَّ لي نَفْيَهُ أو لم أَعْلَمْ أَنَّ ذلك على الْفَوْرِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ ولم يَسْقُطْ نَفْيُهُ. شَمِلَ بِمَنْطُوقِهِ مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ قَائِلَ ذلك حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أو من أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ عَامِّيًّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. وَقِيلَ يُقْبَلُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَأَمَّا إذَا كان فَقِيهًا وَادَّعَى ذلك فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يُقْبَلُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ هُنَا. وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ الْقَبُولَ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَبْسٍ أو مَرَضٍ أو غَيْبَةٍ أو شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذلك لم يَسْقُطْ نَفْيُهُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ إنْ كانت مُدَّةُ ذلك تَتَطَاوَلُ وَأَمْكَنَهُ التَّنْفِيذُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ من يَسْتَوْفِي عليه اللِّعَانَ فلم يَفْعَلْ بَطَلَ نَفْيُهُ وَإِنْ لم يُمْكِنْهُ أَشْهَدَ على نَفْيِهِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ بَطَلَ خِيَارُهُ وَقَطَعَا بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفِيه لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلَزِمَهُ الْحَدُّ إنْ كانت الْمَرْأَةُ مُحْصَنَةً أو التَّعْزِيرُ إنْ لم تَكُنْ مُحْصَنَةً. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَيَنْجَرُّ أَيْضًا نَسَبُهُ من جِهَةِ الْأُمِّ إلَى جِهَةِ الْأَبِ كَالْوَلَاءِ وَيَتَوَارَثَانِ. قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في الْإِرْثِ وَجْهٌ كما لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ انْتَهَى. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ هذا كَلَامٌ لم يَظْهَرْ مَعْنَاهُ وَتَوَقَّفَ فيه شَيْخُنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ بن مغلي وَلَعَلَّ كما زَائِدَةٌ فَيَصِيرُ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وهو ظَاهِرٌ. وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ لَا يُحَدُّ. وَسَأَلَهُ مُهَنَّا إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ قال لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ قد أَبْطَلَ عنه الْقَذْفَ انْتَهَى. وَلَوْ أَنْفَقَتْ الْمُلَاعِنَةُ على الْوَلَدِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْمَلَاعِنُ رَجَعَتْ عليه بِالنَّفَقَةِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قال لِأَنَّهَا إنَّمَا أَنْفَقَتْ عليه لِظَنِّهَا أَنَّهُ لَا أَبَ له.
فوائد: الْأُولَى لو اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ لم يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ حتى يَقُولَ بَعْدَ الْوَضْعِ بِضِدِّ ما قَالَهُ قبل ذلك قَالَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها. الثَّانِيَةُ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِاسْتِلْحَاقِ وَرَثَتِهِ له بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْتِعَانِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه. وَقِيلَ يَلْحَقُهُ. الثَّالِثَةُ لو نَفَى من لَا يَنْتَفِي وقال إنَّهُ من زِنًا حُدَّ إنْ لم يُلَاعِنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَعَنْهُ يُحَدُّ وَإِنْ لَاعَنَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ فِيمَا يَلْحَقُ من النَّسَبِ من أَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ منه وهو أَنْ تَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بها. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ. فَأَخَذَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من هذه الرِّوَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالدُّخُولِ. وَاخْتَارَهُ هو وَغَيْرُهُ من الْمُتَأَخِّرِينَ منهم وَالِدُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَالَه ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ. وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَلْحَقُ بِمُطْلَقٍ إنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ لم يَمَسَّهَا. وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ حتى يُوجَدَ الدُّخُولُ. وقال في الْإِرْشَادِ في مُسْلِمٍ صَائِمٍ في رَمَضَانَ خَلَا بِزَوْجَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَ ولم يَطَأْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُمْكِنٍ لَحِقَهُ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ وَلِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا وهو مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ. وَهَذَا بِنَاءً منه على أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ. وَيَأْتِي قَرِيبًا من يَصْلُحُ أَنْ يُولَدَ له.
تنبيه: قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُمْكِنْ كَوْنُهُ منه مِثْلَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا. وَكَذَا قال غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ وَعَاشَ وَإِلَّا لَحِقَهُ بِالْإِمْكَانِ كما بَعْدَهَا انْتَهَى. قَوْلُهُ أو لِأَكْثَرَ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا. لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ بِلَا نِزَاعٍ. وَيَأْتِي في العد [العدة] هل تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ قُبِلَ قَوْلُهُ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ. قَوْلُهُ أو أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْقُرْءِ ثُمَّ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا إنْ أَقَرَّتْ بِفَرَاغِ الْعِدَّةِ أو الِاسْتِبْرَاءِ من عِتْقٍ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ فَوْقِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ. وقال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: إمْكَانُ وَطْءٍ في لُحُوقِ النَّسَبِ *** فَعِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ في الْمَذْهَبِ كَامْرَأَةٍ تَكُونُ في شِيرَازِ *** وَزَوْجُهَا مُقِيمٌ في الْحِجَازِ فَإِنْ تَلِدْ لِسِتَّةٍ من أَشْهُرٍ *** من يَوْمِ عَقْدٍ وَاضِحًا في النَّظَرِ فَمُدَّةُ الْحَمْلِ مع الْمَسِيرِ *** لَا بُدَّ أَنْ تَمْضِيَ في التَّقْدِيرِ إنْ مَضَتَا بِهِ غَدًا مُلْتَحِقَا *** وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَافَقَا وَعِنْدَنَا في صُورَتَيْنِ حَقَّقُوا *** وَالْمُدَّتَانِ إنْ مَضَتْ لَا يَلْحَقُ من كان كَالْقَاضِي وَكَالسُّلْطَانِ *** وَسَيْرُهُ لَا يَخْفَ عن عِيَانِ أو غَاصِبٍ صُدَّ عن اجْتِمَاعٍ *** وَنَحْوِهِ فَامْنَعْ وَلَا تُرَاعِي
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو تَزَوَّجَهَا وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَصِلُ إلَيْهَا في الْمُدَّةِ التي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فيها لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ أَنَّهُ لو أَمْكَنَ وُصُولُهُ إلَيْهَا في الْمُدَّةِ التي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فيها لَحِقَهُ نَسَبُهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وقال في التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَالِانْتِصَارِ وَلَوْ أَمْكَنَ وَلَا يَخْفَ الْمَسِيرُ كَأَمِيرٍ وَتَاجِرٍ كَبِيرٍ. وَمَثَّلَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِالسُّلْطَانِ وَالْحَاكِمِ. نَقَل ابن مَنْصُورٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ مِثْلُهُ لم يَقْضِ بِالْفِرَاشِ وَهِيَ مِثْلُهُ. وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ في وَالٍ وَقَاضٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَعَ عَمَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ لَحِقَهُ. الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو يَكُونُ صَبِيًّا دُونَ عَشْرِ سِنِينَ لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ أَنَّ ابن عشْرِ سِنِينَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعِبَارَتُهُ في الْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي كَذَلِكَ. قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ. وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ لَا يَلْحَقُ النَّسَبُ من صَبِيٍّ له تِسْعُ سِنِينَ فما دُونَ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في بَابِ ما يُوجِبُ الْغُسْلَ. وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يُولَدُ لِابْنِ تِسْعٍ جَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ في أَحْكَامِ إقْرَارِ الصَّبِيِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْكَافِي. قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أو كان الزَّوْجُ صَبِيًّا له دُونَ تِسْعِ سِنِينَ. وَقِيلَ عَشْرُ سِنِينَ. وَقِيلَ اثْنَتَيْ عشر [عشرة] سَنَةً انْتَهَى. وَقِيلَ لَا يُولَدُ إلَّا لِابْنِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ حتى يُعْلَمَ بُلُوغُهُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ إنْ شَكَّ فيه بِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مَهْرٌ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ عِدَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ. قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه قَوْلٌ كَثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ. قَوْلُهُ أو مَقْطُوعُ الذَّكَرِ أو الْأُنْثَيَيْنِ لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَه ابن هَانِئٍ فِيمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ قال إنْ دَفَقَ فَقَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ من الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَإِنْ شَكَّ في وَلَدِهِ أرى الْقَافَةَ. وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عن خَصِيٍّ قال إنْ كان مَجْبُوبًا ليس له شَيْءٌ فَإِنْ أَنْزَلَ فإنه يَكُونُ منه الْوَلَدُ وَإِلَّا فَالْقَافَةُ. قَوْلُهُ وَإِنْ قُطِعَ أَحَدُهُمَا فقال أَصْحَابُنَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ. شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ خَصِيًّا بِأَنْ تُقْطَعَ أُنْثَيَاهُ وَيَبْقَى ذَكَرُهُ فقال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ. وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَقَطَعَ بِهِ في الشَّرْحِ وهو عَجِيبٌ منه إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةَ مَغْلُوطَةٌ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مَجْبُوبًا بِأَنْ يُقْطَعَ ذَكَرُهُ وَتَبْقَى أُنْثَيَاهُ فقال جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْمَجْبُوبَ دُونَ الْخَصِيِّ انْتَهَى. وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ. وقال النَّاظِمُ: وَزَوْجَةُ من لم يُنْزِلْ الْمَاءَ عَادَةً *** لِجَبِّ الْفَتَى أو لِاخْتِصَاءٍ لِيُبْعِد وَإِنْ جُبَّ إحْدَى الْأُنْثَيَيْنِ من الْفَتَى *** فالحق لَدَى أَصْحَابِنَا في مُبْعَدِ انْتَهَى. ولم أَرَ حُكْمَ جَبِّ إحْدَى الْأُنْثَيَيْنِ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُطِعَ إحْدَاهُمَا.
فائدة: قال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ لو كان عِنِّينًا لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ انْتَهَيَا. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وهو ظَاهِرُ كلام أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ من أَرْبَعِ سِنِينَ. مُنْذُ طَلَّقَهَا يَعْنِي وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا صَرَّحَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ وَلِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ. وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ. أَحَدُهُمَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ.
تنبيه: عِبَارَتُهُ في الْخُلَاصَةِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ولم يُذْكَرْ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي إلَّا في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَعِبَارَتُهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَإِنْ وَلَدَتْ الرَّجْعِيَّةُ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُنْذُ طَلَّقَهَا وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أو لم تُخْبِرْ بِانْقِضَائِهَا أَصْلًا فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ذَكَرُوا رِوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ وَمَنْ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ في الْفَرْجِ أو دُونَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْعَزْلَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ. مَتَى اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ في الْفَرْجِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مُطْلَقًا فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال أبو الْحُسَيْنِ أو يُرَى الْقَافَةَ نَقَلَهُ الْفَضْلُ. وقال في الِانْتِصَارِ يَنْتَفِي بِالْقَافَةِ لَا بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إذَا نَفَاهُ وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ. وقال في الْفُصُولِ إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً ثُمَّ وَلَدَتْ انْتَفَى عنه وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْوَلَدِ ثُمَّ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً لم يَنْتَفِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ كما لو أَرَادَ نَفْيَ وَلَدِ زَوْجَتِهِ بِلِعَانٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. قَوْلُهُ أو دُونَهُ. أَيْ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ دُونَ الْفَرْجِ فَهُوَ كَوَطْئِهِ في الْفَرْجِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ ليس كَوَطْئِهِ في الْفَرْجِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْعَزْلَ. يَعْنِي لو اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ في الْفَرْجِ أو دُونَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَ عنها لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَكَذَا لو ادَّعَى عَدَمَ إنْزَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا. قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْأَصَحِّ أو يَدَّعِي الْعَزْلَ أو عَدَمَ إنْزَالِهِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. وَوَجْهَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ من الرِّيحِ. قال ابن عَقِيلٍ وَهَذَا منه يَدُلُّ أَنَّهُ أَرَادَ ولم يَنْزِلْ في الْفَرْجِ لِأَنَّهُ لَا رِيحَ يُشِيرُ إلَيْهَا إلَّا رَائِحَةَ الْمَنِيِّ وَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ إنْزَالِهِ فَتَتَعَدَّى رَائِحَتُهُ إلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ فَتَعْلَقُ بها كَرِيحِ الْكُشِّ الْمُلَقِّحِ لِإِنَاثِ النَّخْلِ. قال وَهَذَا من الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عِلْمٌ عَظِيمٌ انْتَهَى.
تنبيه: جَعَلَ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قال ذلك الْوَاطِئُ دُونَ الْفَرْجِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ ذلك فِيمَا إذَا كان يَطَؤُهَا في الْفَرْجِ وهو طَرِيقَةٌ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ قال كُنْت أَطَؤُهَا في الْفَرْجِ وَأَعْزِلُ عنها أو لم أُنْزِلْ أو كُنْت أَطَأُ دُونَ الْفَرْجِ وَأَفْعَلُ ذلك وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ على وَجْهَيْنِ. يَعْنِي إذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ وَفِيمَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجِبُ فيه يَمِينٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يقبل [قبل] قَوْلُهُ من غَيْرِ يَمِينٍ.
فائدة: مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو ادَّعَى عَدَمَ إنْزَالِهِ هل يَحْلِفُ أَمْ لَا قَالَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهَا أو بَاعَهَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ وَلَدُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ لم يَسْتَبْرِئْهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ منه. أَيْ من الْبَائِعِ فَهُوَ وَلَدُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أو لم يَدَّعِهِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لو ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي فَقِيلَ يَلْحَقُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ يُرَى الْقَافَةَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ الْفَضْلُ هو له قُلْت في نَفْسِهِ منه شَيْءٌ قال فَالْقَافَةُ. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ فَقِيلَ يَكُونُ لِلْبَائِعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ. وَقِيلَ يُرَى الْقَافَةَ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَتَجْتَنِب الزَّوْجَةُ الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا الطِّيبَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ وَكَذَا إنْ لم تُسْتَبْرَأْ ولم يُقِرَّ المشتري له بِهِ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذلك وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ فَأَمَّا إنْ لم يَكُنْ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قبل بَيْعِهَا لم يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عليه فَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ هذا الْمَذْهَبُ. قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَوْ لم يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا حتى بَاعَ لم يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ وَيُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي. وَقِيلَ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِدَعْوَاهُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وهو مِلْكُ الْمُشْتَرِي إنْ لم يَدَّعِهِ وَكَذَا ذَكَرُوا ذلك في آخِرِ بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ. قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فلم يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي هذا الْمَذْهَبُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي مع عَدَمِ لُحُوقِ النَّسَبِ بِالْبَائِعِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ إنْ لم يَدَّعِهِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا له. وَالْوَجْهُ الثَّانِي وهو الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ احْتِمَالًا أَنْ يَلْحَقَهُ نَسَبُهُ مع كَوْنِهِ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ ما بَاعَ حتى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ ما وَطِئَهَا فقال إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ قَالَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقِيلَ يَنْتَفِي النَّسَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ. فَعَلَى هذا هل يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ على الِاسْتِبْرَاءِ فيه وَجْهَانِ الْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
فوائد: منها يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ كَعَقْدٍ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ. وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا. وقال أبو بَكْرٍ لَا يَلْحَقُهُ. قال الْقَاضِي وَجَدْت بِخَطِّ أبي بَكْرٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَلْحَقُ إلَّا في نِكَاحٍ صَحِيحٍ أو فَاسِدٍ أو مِلْكٍ أو شُبْهَةٍ ولم يُوجَدْ شَيْءٌ من ذلك وَذَكَرَه ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً. وفي كل نِكَاحٍ فَاسِدٍ فيه شُبْهَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقِيلَ إذَا لم يُعْتَقَدْ فَسَادُهُ. وفي كَوْنِهِ كَصَحِيحٍ أو كَمِلْكِ يَمِينٍ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَهَلْ يُلْحَقُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالصَّحِيحِ أو بِمِلْكِ الْيَمِينِ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى. قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ. وقال في الْفُنُونِ لم يُلْحِقْهُ أبو بَكْرٍ في نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ. وَمِنْهَا لو أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أو مُطَلَّقَتِهِ أو سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ امْرَأَتَانِ. وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِوِلَادَتِهِ. وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. ثُمَّ هل له نَفْيُهُ فيه وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ نَقَلَ في الْمُغْنِي عن الْقَاضِي يُصَدَّقُ فيه لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِشُبْهَةٍ مع فِرَاشٍ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبْعِيضَ الْأَحْكَامِ لِقَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاحْتَجِبِي منه يا سَوْدَةُ وَعَلَيْهِ نُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَمْرُهُ لِسَوْدَةِ رضي اللَّهُ عنها بِالِاحْتِجَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَأَى قُوَّةَ شَبَهِهِ من الزَّانِي فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ أو قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَجْبَ زَوْجَتِهِ عن أَخِيهَا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَهُ من الزنى وَلَا فِرَاشَ لَحِقَهُ. وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها لَا يَلْحَقُهُ. وقال في الِانْتِصَارِ في نِكَاحِ الزَّانِيَةِ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فيه. وقال في الِانْتِصَارِ أَيْضًا يَلْحَقُهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ. وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ مِثْلَ ذلك. وَمِنْهَا إذَا وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ أو أَمَتُهُ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ من الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ لَحِقَ الزَّوْجَ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ. وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ من الْوَاطِئِ فقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ يُعْرَضُ على الْقَافَةِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْوَاطِئِ لَحِقَهُ ولم يَمْلِكْ نَفْيَهُ عنه. وَانْتَفَى عن الزَّوْجِ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالزَّوْجِ لَحِقَ بِهِ ولم يَمْلِكْ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ يَمْلِكُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ اللَّقِيطِ. وَإِنْ الحقته بِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا ولم يَمْلِكْ الْوَاطِئُ نَفْيَهُ عن نَفْسِهِ. وَهَلْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
|